سورة الأعلى - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعلى)


        


{وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4)}
{والذى أَخْرَجَ المرعى} أي أنبت ما ترعاه الدواب غضارطبا يرف.


{فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)}
{فَجَعَلَهُ غُثَاء} هو ما يقذف به السيل على جانب الوادي من الحشيش والنبات وأصله على ما في المجمع الاخلاط من أجناس شتى والعرب تسمى القوم إذا اجتمعوا من قبائل شتى أخلاطًا وغثاء ويقال غثاء بالتشديد وجاء جمعه على أغثاء وهو غريب من حيث جمع فعال على أفعال والمراد به هنا اليابس من النبات أي فجعله بعد ذلك يابسًا {أحوى} من الحوة وهي كما قيل السواد وقال الأعلم لون يضرب إلى السواد وفي الصحاح الحوة السمرة فالمراد باحوى أسود أو أسمر والنبات إذا يبس أسود أو اسمر فهو صفة مؤكدة للغثاء وتفسر الحوة بشدة الخضرة وعليه قول ذي الرمة:
لمياه في شفتيها حوة لعس *** وفي اللثات وفي أنيابها شنب
ولا ينافي ذلك تفسيرها بالسواد لأن شدة الخضرة ترى في بادىء النظر كالسواد وجوز كونه حالًا من المرعى أي أخرج المرعى حال كونه طريا غضا شديد الخضرة فجعله غثاء والفصل بالمعطوف بين الحال وصاحبها ليس فصلا بأجنبي لا سيما وهو حال يعاقب الأول من غير تراخ وسر التقديم المبالغة في استعقاب حالة الجفاف حالة الرفيف والغضارة كأنه قبل أن يتم رفيفه وغضارته يصير غثاه ومع هذا هو خلاف الظاهر وهذه الأوصاف على ما قيل يتضمن كل منها التدريج ففي الوصف بها تحقيق لمعنى التربية وهي تبليغ الشيء كما له شيئًا فشيئًا وقوله تعالى:


{سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)}
بيان لهدايته تعالى شأنه الخاصة برسوله صلى الله عليه وسلم أثر بيان هدايته عز وجل العامة لكافة مخلوقاته سبحانه وهي هدايته عليه الصلاة والسلام لتلقي الوحي وحفظ القرآن الذي هو هدى للعالمين وتوفيقه صلى الله عليه وسلم لهداية الناس أجمعين والسين إما للتأكيد واما لأن المراد اقراء ما أوحى إليه صلى الله عليه وسلم حينئذ وما سيوحي إليه عليه الصلاة والسلام بعد فهو وعد كريم باستمرار الوحي في ضمن الوعد بالاقراء وإسناد الإقراء إليه تعالى مجازي أي سنقرئك ما نوحي إليك الآن وفيما بعد على لسان جبريل عليه السلام فإنه عليه السلام الواسطة في الوحي على سائر كيفياته فلا تنسى أصلًا من قوة الحفظ والاتقان مع أنك أمي لم تكن تدري ما الكتاب وما القراءة ليكون ذلك لك آية مع ما في تضاعيف ما تقرؤه من الآيات البينات من حيث الاعجاز ومن حيث الأخبار بالمغيبات وجوز أن يكون المعنى سنجعلك قارئًا بالهام القراءة أي في الكتاب من دون تعليم أحدكما هو العادة فقد روي عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ الكتابة ولا يكتب ويكون المراد بقوله تعالى فلا تنسى نفي النسيان مطلقًا عنه عليه الصلاة والسلام امتنانًا عليه صلى الله عليه وسلم بأنه أوتي قوة الحفظ وفيه أنه مع كونه خلاف المأثور عن السلف في الآية تأباه فاء التفريع وجوز أيضًا أن يكون المراد نفى نسيان المضمون أي سنقرئك القرآن فلا تغفل عنه فتخالفه في أعمالك ففيه وعد بتوفيقه عليه الصلاة والسلام لالتزام ما فيه من الأحكام وهو كما ترى وقيل فلا تنسى نهى والألف لمراعاة الفاصلة كما في قوله تعالى: {فأضلونا السبيلا} [الأحزاب: 67] وفيه أن النسيان ليس بالاختيار فلا ينهى عنه إلا أن يراد مجازًا ترك أسبابه الاختيارية أو ترك العمل بما تضمنه المقرأ وفيه ارتكاب تكلف من غير داع وأيضًا رسمه بالياء يقتضي أنها من البنية لا للاطلاق وكون رسم المصحف مخالفًا تكلف أيضًا نعم قيل رسمت ألف الاطلاق ياء لموافقة غيرها من الفواصل وموافقة أصلها مع أن الإمام المرزوقي صرح بأنه عند الاطلاق ترد المحذوفة وقيل هو نهى لكن لم تحذف الألف فيه إذ قد لا يحذف الجازم حرف العلة وحسن ذلك هنا مراعاة الفاصلة وفيه أيضًا ما فيه والأهون للطالب معنى النهي أن.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7